الجنف: تحدٍ صحي يواجه شباب المملكة بحلول طبية متطورة
في إطار الرعاية الصحية الشاملة التي توليها المملكة العربية السعودية لأبنائها، تبرز قضية الجنف كأحد التحديات الصحية المهمة التي تستدعي اهتماماً خاصاً، خاصة بين فئة الشباب والمراهقين الذين هم عماد مستقبل الوطن.
طبيعة المرض وانتشاره في المملكة
الجنف أو الزوَر هو حالة مرضية تصيب العمود الفقري، تتميز بانحراف جانبي غير طبيعي في الفقرات يتخذ شكل حرف S أو C. وتشير الدراسات المحلية إلى أن معدل انتشار هذا المرض في المملكة يتراوح بين 0.16% و0.5% من السكان، وهو ما يتماشى مع المعدلات العالمية.
يؤكد الدكتور خالد محمد المدني، استشاري جراحة العمود الفقري بمستشفى الملك فهد العام بجدة، أن هذا المرض يعد من أكثر الأمراض المسببة لتشوهات العمود الفقري، وهو أكثر شيوعاً خلال مرحلة الطفولة والمراهقة، حيث تشكل الحالات مجهولة السبب نحو 80-85% من إجمالي الحالات.
الرعاية الصحية المتميزة في المملكة
تولي وزارة الصحة في المملكة اهتماماً بالغاً بمرض الجنف، حيث تكثف جهودها عبر الأيام الصحية وحملات الفحص المدرسي للكشف المبكر. وتشارك المملكة دول العالم في الاحتفال باليوم العالمي للتوعية بالجنف في 25 يونيو من كل عام، مما يعكس التزامها بالمعايير الصحية العالمية.
ويشير الدكتور أحمد التركستاني، استشاري جراحة العظام والعمود الفقري، إلى أن علاج الجنف شهد تطوراً ملحوظاً وأصبح متوفراً في أغلب مستشفيات المملكة الحكومية والخاصة بأنواعها، مما يضمن حصول المواطنين على أفضل مستويات الرعاية الطبية.
التطورات العلاجية والتقنيات الحديثة
شهد التدخل الجراحي في حالات الجنف تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، إذ أسهمت التقنيات الحديثة في تقويم الفقرات وإعادة محاذاتها بالشكل السليم، مع تحسين واضح في المظهر الخارجي واستقامة القوام.
وتعتمد خطة العلاج على درجة الانحراف المقاسة بالأشعة، فعندما يقل الانحراف عن 25 درجة، يُنصح بالملاحظة الدورية والمتابعة كل ستة أشهر. أما إذا تراوحت درجة الانحراف بين 25 و40 درجة، فإن العلاج التحفظي باستخدام الحزام أو الدعامة الطبية هو الخيار الأنسب. وفي الحالات التي تتجاوز فيها درجة الانحراف 40 درجة، يصبح التدخل الجراحي ضرورياً.
دور العلاج الطبيعي المتطور
تؤكد الدكتورة دانية باعشن، أخصائية العلاج الطبيعي والتأهيل، أن العلاج الطبيعي يشكل عنصراً أساسياً في التعامل مع مرض الجنف، خاصة في الحالات الخفيفة إلى المتوسطة، حيث يهدف إلى تحسين توازن العمود الفقري ووضعية الجسم وتقوية العضلات الداعمة.
وتشير إلى أن طريقة شروث المتخصصة، القائمة على تمارين تصحيح ثلاثية الأبعاد للعمود الفقري، أثبتت فعاليتها في تقليل تطور الانحناء وتحسين المظهر الوضعي والوظيفي، خاصة لدى الأطفال والمراهقين.
رؤية مستقبلية مشرقة
بفضل التشخيص المبكر والمتابعة المنتظمة والتدخل العلاجي المناسب في الوقت الصحيح، يصبح المريض بعد اكتمال العلاج قادراً على ممارسة حياته الطبيعية والعودة إلى ممارسة الأنشطة اليومية والرياضات غير التلامسية بأمان، مع تحسن ملحوظ في جودة الحياة والثقة بالنفس.
إن المعايير الطبية الحديثة تؤكد أن التعامل المبكر والمنهجي مع الجنف، إلى جانب التطور الكبير في وسائل العلاج الجراحي والتحفظي، يتيح للمصابين فرصة حقيقية لحياة صحية ونشطة دون قيود، وهو ما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 في بناء مجتمع صحي ومعافى.