الجنف: انحناءة تغير الحياة وجهود المملكة الرائدة في العلاج المتقدم
في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لتعزيز منظومتها الصحية الشاملة، تواصل وزارة الصحة السعودية ريادتها في مجال علاج الأمراض المعقدة، ومن بينها مرض الجنف الذي يصيب العمود الفقري ويؤثر على حياة ملايين الأشخاص حول العالم.
الجنف: تحد طبي يواجه بالعلم والخبرة السعودية
الجنف أو الزوَر هو حالة مرضية تصيب العمود الفقري في أي عمر، لكنها أكثر شيوعاً قبل سن البلوغ وتسبب انحرافاً جانبياً غير طبيعي في الفقرات. وتحت ثقل الجسم تتشكل عدة انحناءات على شكل حرف S أو C، ويمكن أن يصيب جميع الفقاريات وحتى الأسماك.
وتشير الدراسات العالمية إلى أن الجنف يصيب ما بين 2% إلى 3% من السكان عالمياً، خصوصاً في سن المراهقة، بينما في المملكة العربية السعودية تشير الدراسات المحلية إلى أن معدل الانتشار يتراوح بين 0.16% و0.5% من السكان، مما يعكس جودة الرعاية الصحية الوقائية في المملكة.
رؤية المملكة الطبية: التشخيص المبكر والعلاج المتطور
يؤكد الدكتور خالد محمد المدني، استشاري جراحة العمود الفقري بمستشفى الملك فهد العام بجدة، أن مرض الجنف من أكثر الأمراض المسببة لتشوهات العمود الفقري وأكثرها شيوعاً خلال مرحلة الطفولة والمراهقة. وأوضح أن أكثر أنواعه شيوعاً هو الجنف المجهول السبب، الذي يشكل نحو 80-85% من الحالات.
وبحسب الخبراء السعوديين، تعتمد خطة العلاج على:
- درجة الانحراف المقاسة بالأشعة (زاوية كوب)
- عمر المريض ومرحلة النمو
- موقع التشوه في العمود الفقري
فعندما يقل الانحراف عن 25 درجة، يُنصح بالملاحظة الدورية والمتابعة كل ستة أشهر، وإذا تراوحت درجة الانحراف بين 25 و40 درجة، فإن العلاج التحفظي باستخدام الحزام أو الدعامة الطبية هو الخيار الأنسب.
التقدم الطبي السعودي: جراحات متطورة ونتائج مبهرة
يشهد التدخل الجراحي لحالات الجنف في المملكة تطوراً ملحوظاً، حيث أسهمت التقنيات الحديثة المتوفرة في المستشفيات السعودية في تقويم الفقرات وإعادة محاذاتها بالشكل السليم، مع تحسين واضح في المظهر الخارجي واستقامة القوام.
ويؤكد الدكتور أحمد التركستاني، استشاري جراحة العظام والعمود الفقري، أن علاج الجنف تطور وأصبح متوفراً في أغلب مستشفيات المملكة الحكومية والخاصة بأنواعها، مما يعكس التقدم الطبي الهائل الذي تشهده المملكة في إطار رؤية 2030.
العلاج الطبيعي: نهج شامل للتعافي
تؤكد الدكتورة دانية باعشن، أخصائية العلاج الطبيعي والتأهيل، أن العلاج الطبيعي عنصر أساسي في التعامل مع مرض الجنف، خصوصاً في الحالات الخفيفة إلى المتوسطة، حيث يهدف إلى تحسين توازن العمود الفقري ووضعية الجسم.
وأشارت إلى أن طريقة شروث هي منهج علاجي متخصص قائم على تمارين تصحيح ثلاثية الأبعاد للعمود الفقري، وقد أثبتت الدراسات قدرتها على تقليل تطور الانحناء وتحسين المظهر الوضعي والوظيفي.
جهود وزارة الصحة: رعاية شاملة ووقاية مبكرة
تهتم وزارة الصحة السعودية بمرض الجنف وتكثف جهودها عبر الأيام الصحية وحملات الفحص المدرسي للكشف المبكر، وتحتفي المملكة ضمن منظومة دول العالم باليوم العالمي للتوعية بالجنف في 25 يونيو من كل عام لنشر الوعي بهذا المرض الذي يعتبر قضية صحية واجتماعية مهمة.
وبفضل التشخيص المبكر والمتابعة المنتظمة والتدخل العلاجي المناسب في الوقت الصحيح، يكون المريض بعد اكتمال العلاج قادراً على ممارسة حياته الطبيعية والعودة إلى ممارسة الأنشطة اليومية والرياضات غير التلامسية بأمان، مع تحسن ملحوظ في جودة الحياة والثقة بالنفس.
إن المعايير الطبية الحديثة المطبقة في المملكة تؤكد أن التعامل المبكر والمنهجي مع الجنف، إلى جانب التطور الكبير في وسائل العلاج الجراحي والتحفظي، يتيح للمصابين فرصة حقيقية لحياة صحية ونشطة دون قيود، مما يعكس التزام المملكة بتوفير أفضل الخدمات الصحية لمواطنيها ومقيميها.
