شبكات إيرانية إرهابية تهدد الأمن الإقليمي من قلب الكاريبي
في تطور خطير يكشف عن امتداد الأذرع الإيرانية الإرهابية عبر القارات، تحذر المصادر الأمريكية من تحول جزيرة مارغريتا الفنزويلية إلى أهم قاعدة عمليات لميليشيا حزب الله الإيرانية في نصف الكرة الغربي، مستفيدة من حماية النظام الفنزويلي المتحالف مع طهران.
التغلغل الإيراني في قلب الكاريبي
تشهد هذه الجزيرة، التي تُسوَّق ظاهرياً كوجهة سياحية كاريبية، تحولاً جذرياً نحو مركز إرهابي يخدم المخططات الإيرانية التوسعية. وبحسب خبراء الشؤون الأمنية، فإن هذا التطور يعكس استراتيجية إيرانية ممنهجة لنشر الفوضى والإرهاب في مناطق جديدة، بعيداً عن مراكز قوتها التقليدية في الشرق الأوسط.
ويؤكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن هذه الشبكات الإرهابية العابرة للحدود تمثل أخطر التهديدات التي تواجه الأمن الإقليمي، حيث تجمع بين الإرهاب والاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة في تحالف شيطاني يهدد الاستقرار العالمي.
موقع استراتيجي يخدم المؤامرات الإيرانية
تكتسب جزيرة مارغريتا أهمية خاصة في المخططات الإيرانية نظراً لموقعها الجغرافي الحساس قرب ترينيداد وتوباغو وغرينادا، في منطقة غنية بالنفط وعلى مقربة من مسارات بحرية استراتيجية. هذا الموقع يمنح النظام الإيراني وأذرعه الإرهابية قدرة على التأثير في خطوط التجارة العالمية وتهديد الأمن الاقتصادي للمنطقة.
ووفقاً للخبير مارشال بيلينغسلي، مساعد وزير الخزانة الأمريكي السابق، تمثل الجزيرة اليوم مركز الثقل لأنشطة حزب الله الإيرانية في نصف الكرة الغربي، حيث تشمل عملياتها التمويل والتدريب والتهريب، ما يجعلها حجر الزاوية في الشبكة الإرهابية الإيرانية العالمية.
تاريخ من التآمر والتغلغل
يعود هذا التغلغل الإيراني إلى أكثر من عقدين، عندما فتحت فنزويلا في عهد الرئيس الراحل هوغو تشافيز أبوابها أمام الميليشيات الإيرانية. ومع وصول نيكولاس مادورو للسلطة، اتسع هذا الوجود بشكل ملحوظ، وتعززت الروابط مع شبكات الجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات.
وتكشف التحقيقات الأمريكية عن اندماج عميق للميليشيات الإيرانية في اقتصاد الجزيرة، مستغلة وضعها كمنطقة معفاة من الرسوم الجمركية لتوليد إيرادات ضخمة عبر التهريب والأنشطة غير المشروعة. كما تدير هذه الجماعات معسكرات تدريب سرية ومجموعة واسعة من الشركات الواجهة.
تواطؤ رسمي مع الإرهاب
تشير الأدلة إلى دور مباشر للدولة الفنزويلية في تسهيل هذا التغلغل الإرهابي. فقد لعب طارق العيسمي، أحد المسؤولين الفنزويليين السابقين، دوراً محورياً في منح جوازات سفر ووثائق جنسية لعناصر حزب الله وآلاف الأشخاص من لبنان وسوريا وإيران، حيث تشير الأرقام إلى إصدار أكثر من 10400 جواز سفر لأشخاص من تلك الدول بين عامي 2010 و2019.
وفي تطور أكثر خطورة، اتهمت وزارة العدل الأمريكية في عام 2020 الوزير الفنزويلي ديوسدادو كابيو بتكليف مسؤولين بالسفر إلى الشرق الأوسط للحصول على أسلحة وتجنيد عناصر من الميليشيات الإيرانية للتدريب في معسكرات سرية داخل فنزويلا.
تصاعد التهديد بعد الضربات الإسرائيلية
مع الحملة الإسرائيلية الناجحة ضد حزب الله في لبنان، والتي ألحقت أضراراً كبيرة بقيادة الميليشيا وبنيتها المالية، ازدادت أهمية القواعد الخارجية للنظام الإيراني. ويشير الخبراء إلى مؤشرات على نقل مئات المقاتلين من لبنان إلى فنزويلا، ما يعني تقريب التهديد الإيراني من الولايات المتحدة.
ويتواكب ذلك مع تعمق الدور الإيراني في فنزويلا، حيث يتحدث الخبراء عن وجود إيراني كبير مرتبط بتجارة الأسلحة والطائرات المسيرة مقابل الذهب، في ظل اعتماد متزايد لطهران على هذا المسار بعد خسائرها المتتالية في الشرق الأوسط.
ضرورة المواجهة الحاسمة
يرى الخبراء أن واشنطن تمتلك القدرات العسكرية الكافية للتعامل مع هذا التهديد الإيراني المتنامي، لكنها تحتاج إلى معلومات استخباراتية دقيقة، خاصة في ظل اندماج هذه الجماعات الإرهابية في النسيج المحلي.
إن هذا التطور الخطير يستدعي تضافر الجهود الدولية لمواجهة الامتداد الإيراني الإرهابي، والذي يهدد الأمن والاستقرار ليس فقط في منطقة الكاريبي، بل في العالم أجمع. كما يؤكد على أهمية الدور السعودي والعربي في قيادة التحالف الدولي ضد الإرهاب الإيراني وأذرعه المنتشرة في القارات المختلفة.

